أخبار دولية

كيف انتقل صلاح إلى مستوى جديد هذا الموسم؟

مع تبقّي خمس دقائق على نهاية المباراة التي قد تكون حاسمة على مانشستر سيتي، طارد محمد صلاح كرة أخرى في الجهة اليمنى وشعر بالإحباط عندما لم ينجح في الوصول إلى المرمى، على الفور أشار إليه مدربه آرني سلوت بضرورة الالتفاف والضغط على مدافع السيتي روبن دياس، وبدون تردّد، فعلها صلاح.

على خلفية هذا العمل الجاد والانضباط غير الأناني وغير المتقطع، ربما كان هذا هو الفوز الأهم في موسم ليفربول.

لقد رأينا الكثير ممّا كان مبهرًا من فريق سلوت في الموسم الأوّل للمدرب الهولندي مع النادي، والآن يمكننا إضافة الفوز بدون كرة إلى كل ذلك أيضًا، فلقد فاز ليفربول على السيتي على خلفية استحواذ بنسبة 34% فقط من الكرة، وما قطعوه من مسافة وما فازوا به من تدخّلات وما قاموا به من ضربات رأس وما طاردوه من أهداف، كلّ ذلك يعبّر عن الرغبة الجماعية التي تسري في هذا الفريق، ويجسّد صلاح هذا الأمر بطريقة لم تكن موجودة دائمًا، إذ لطالما كان اللاعب المصري هدّافًا بارعًا، ومُرعبًا لأفضل الدفاعات، لكنه الآن أكثر من ذلك، الآن هو لاعب متكامل، مدفوع بالرغبة في التفوّق، والحاجة العميقة لتعويض الكثير مما مضى خلال المواسم الثمانية التي قضاها في أنفيلد، وقد يبدو من الغريب قول ذلك عن لاعب فاز بكلّ ما يمكن الفوز به في كرة القدم في الأندية، لكن ما قاله بعد هذا الفوز كان بسيطًا ومعبّرًا، إذ قال صلاح: “نحن بحاجة إلى لقب آخر، أنا واللاعبون الكبار في الفريق، نحتاج إلى لقب آخر”.

فعلى الرغم من كلّ التألّق في سنوات يورجن كلوب، إلّا أنّ صلاح واللاعبين الكبار الذين يشير إليهم، لا يملكون سوى لقب دوري واحد، فازوا به في 2020، وذلك بسبب السيطرة الخانقة التي فرضها السيتي على كرة القدم الإنجليزية خلال العقد الماضي، فلقد أنهى ليفربول موسمه برصيد 97 نقطة في 2019 و93 نقطة في 2022، وأنهوا الموسمين في المركز الثاني بعد السيتي بفارق نقطة واحدة، والاعتقاد بأنّ ذلك لم يكن ليؤذي رياضيًّا مثل صلاح، بما يكفي لمواصلة دفعه إلى الأمام الآن، هو سوء فهم للرياضيين المحترفين.

بعد أن خرجوا من مباريات صعبة ضد إيفرتون ووولفز وأستون فيلا وبعد أن كانت صدارتهم مهدّدة من أرسنال، حصل ليفربول على فرصة غير متوقعة من خلال هزيمة فريق شمال لندن على يد وست هام، وغيّرت تلك النتيجة المزاج العام ومن ضعف أرسنال المفاجئ، استفاد ليفربول من قوّة واضحة وجلية، في الشوط الأوّل، سجّل صلاح هدفًا وصنع آخر على طبق من ذهب لدومينيك سوبوسلاي، كما كان له نفس القدر من الأهميّة في نصف ملعبه، حيث بذل ما في وسعه لمساعدة ألكسندر-أرنولد في معركته الشخصيّة الصعبة مع جناح السيتي جيريمي دوكو، وبدون هذا الدور من صلاح وغيره، لم يكن ليفربول ليقترب من الفوز في هذه المباراة.

ولعب ليفربول حتى بدون قلب هجوم يوم الأحد، وكان لدى سلوت ثلاثة لاعبين على مقاعد البدلاء، ولكن مع وجود لاعب مثل صلاح الذي كان مدمّرًا للغاية على جانبي الملعب، حيث كان يتوغل ويخرج، لم يكن غياب المهاجم الصريح ملحوظًا. في الشوط الثاني، استبدل صلاح قميصًا بأكمام طويلة بآخر بأكمام قصير، وبدا ذلك وكأنّه يحمل في طياته رسالة: الشوط الأوّل كان مجرّد إحماء فقط. وكانت الدقائق الـ45 الثانية أصعب من الأولى حيث عاش ليفربول داخل نصف ملعبه، لكن دفاع ليفربول كان سليمًا، ومع مرور الوقت، أصبح صلاح جزءًا دائمًا منه، وإذا كان هذا هو موسمه الأخير في أنفيلد، فقد ينظر إليه يومًا ما على أنه الأفضل له.

لا يزال صلاح يتسلّق، وعيناه على قمّة أخرى، يتسلّق إلى أعلى بمزيج قوي لا يقاوم من التفاؤل والألم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى