الإسبان حقّقوا كلّ البطولات، هل يسيطرون على عالم الكرة؟
حين فاز المنتخب الإسبانيّ بلقب اليورو 2008 ثمّ كأس العالم 2010 فيورو 2012، وكتب صفحةً جديدةً في تاريخ كرة القدم، ثمّ عاد وانتكس بعد اعتزال جيل “ذهبيّ”، وتخبّط في تعيين وإقالة المدرّبين، اعتبر الكثيرون أنّ ما حدث كان “زوبعةً في فنجان” لن تتكرّر أبدًا.
وفعلًا طالت معاناة الإسبان بعد عام 2012، لم يوفّق النادي في البطولات، ولم يقدّم المنتخب أداءً مقنعًا خاصّة في البطولات القاريّة والعالميّة، باستثناء بعض المباريات الودّيّة، حتّى يورو 2020، والذي لُعب عام 2021 بسبب جائحة فيروس كورونا، يومها خرج منتخب “لاروخا” من نصف النهائي، بركلات الترجيح، على يد المنتخب الإيطاليّ الذي عاد وتُوِّج باللقب، وحلّ وصيفًا أيضًا في دوري الأمم الأوروبيّة كما وصل المنتخب الأولمبيّ لنهائي أولمبياد طوكيو وخسر اللقب ضدّ البرازيل، لينفجر بعدها المنتخب الإسبانيّ ويحصد الألقاب المتتالية، وليس فقط على صعيد المنتخب الأوّل، بل بكلّ الفئات، وحتّى كان لمنتخب السيّدات نصيبه من الإنجازات.
لكنّ القدر عاد وابتسم للإسبان وبطريقة “ولا بالأحلام”، ففي آخر سنتين حقّقت المنتخبات الإسبانيّة بطولة أمم أوروبا للرجال، كأس العالم للسيّدات، دوري الأمم الأوروبيّة للرجال، دوري الأمم الأوروبيّة للسيدات، بطولة أوروبا للرجال دون 19 سنة، بطولة أوروبا للسيدات دون 19 سنة، واليوم تُوّج المنتخب الأولمبيّ بالميداليّة الذهبيّة بعد فوزه في المباراة النهائيّة على صاحب الأرض المنتخب الفرنسيّ.
هذه النجاحات التي حقّقها “مُصارِعو الثيران” لها أسباب عدّة، أوّلها تركيز الأكاديميّات الكرويّة في إسبانيا على جيل الشباب، واعتماد الأندية، على خرّيجي أكاديميّاتها بشكل كبير، وعلى رأسها نادي برشلونة. كما يلعب المدرّبون دورًا كبيراً، فلمسة دي لا فوينتي كانت واضحة بخلقه منظومة متكاملة من لاعبين شبّان وحتّى مغمورين، وطوّر من أدائهم بشكل كبيرٍ، وقرأ خصومه بطريقة ممتازة مستكشفًا نقاط ضعفهم، فكانت الألقاب من نصيب المنتخب الأوّل. وهنا يجب الإشادة باختيار الاتحاد الإسباني المتخبّط في العديد من المشاكل، لدي لا فوينتي ليكون مدرّب المنتخب الأوّل وهو الذي رافق لاعبين على مستوى دون 19 ودون 21 وحقّق معهم بطولات أيضًا.
الأمر عينه ينطبق على المنتخب الأولمبيّ، إذ لم يتكرّر خطأ اليورو والأولمبياد الماضيين بالاعتماد على نفس اللاعبين في البطولتين وضغطهم والتسبب بإرهاقهم، بل كان هناك تنويع في اختيار اللاعبين لكلّ بطولة، الأمر الذي خلق فرصًا للعديد منهم للتطوّر ومنحهم الدافع للتألّق. ولمسة المدرّب سانتي دينيا أيضًا كانت واضحة، وانعكست في تطوّر الإسبان بين دور المجموعات حين كانوا غير مقنعين ويحققون الفوز بشقّ الأنفس وبين نهاية الأولمبياد حيثُ توِّجوا باللقب وعلى حساب صاحب الأرض بنتيجة 5-3.
كلّ هذه البطولات على مختلف المستويات كانت بفضل لاعبين ما زالوا بعمر شاب ومسيرة طويلة أمامهم، فهل تعود “إسبانيا” للسيطرة على عالم كرة القدم لسنوات؟