السيّدة العجوز تجدّد شبابها
ما زال الموسم الكرويّ في بداياته، لكن يبدو أنّ يوفنتوس بقيادة مدرّبه الجديد تياغو موتا يسير على الدرب الصحيح، وهم النادي الوحيد في الدوري الإيطالي الذي فاز بأوّل مباراتين محقّقًا العلامة الكاملة، وبأداء مقنع حتّى الآن.
كانت السنوات القليلة الماضية صعبة للغاية بالنسبة لمشجّعي يوفنتوس، فبعد سلسلة من 9 ألقاب متتالية في الدوري، مرّ الآن أكثر من 4 سنوات منذ آخر مرّة وضعوا فيها أيديهم على الكأس المحليّة، ماسيميليانو أليجري، المدرّب السابق، وتكتيكاته المتقلّبة كان حتّى يصعّب على عشّاق السيدة العجوز مهمّة متابعة فريقهم، لكن لم يكن أليجري المذنب الوحيد في تراجع الفريق، فالمشكلات الماليّة وسوء الإدارة لعبت دورًا رئيسًا في ذلك، لكنّ المدرّب السابق عقّد الأمور أكثر وأكثر فكان لا بدّ من استبداله.
الحكم على موتا، وعلى يوفنتوس معه، أمر من المبكر الحديث عنه، لكنّ لمسته بدت واضحة من خلال الانتقال من الأسلوب الدفاعي إلى الأسلوب القائم على الاستحواذ والسرعة في نقل الكرة، حتّى رأينا يوفنتوس ممتعًا في أوّل مباراتين، ولو ضدّ خصمين متواضعين، فسجّل 6 أهداف ولم يتلقَّ أيّ هدف في المقابل.
على الورق يعتمد موتا مع يوفنتوس على تشكيل 4-2-3-1، لكن في أرضيّة الملعب هناك حريّة للاعبين للتحرّك، فلاعبا خط الوسط المتأخّرين أحرار في التقدّم أو التراجع لالتقاط الكرة ثمّ التقدّم بها، والأجنحة لهم الحريّة في البقاء على الأطراف أو الدخول والتأثير على تحرّكات الظهيرين، وحتّى قلب الدفاع يمكن رؤيته يتقدّم للأمام بعيدًا عن الكرة في بعض الأحيان. إنّ القيام بكل هذه الحركات والتناوب كان نافعًا للفريق لأنّه تمّ في ظلّ تنسيق وتفاهم مثيرين للإعجاب.
جانب آخر يختلف فيه موتا عن أليجري هو ثقته في المواهب الشابة، إذ استخدم الأخير بعض الشبان ولكن بدا دائمًا أنّه فعل ذلك على مضض بسبب نقص البدائل في فريقه، من ناحية أخرى، بدا المدرّب الجديد سعيدًا بإشراك الشباب حتّى قبل أعضاء الفريق الأكثر خبرة، إذ كان متوسط عمر اللاعبين الذين استخدمهم في أوّل مباراتين له 24.2 عامًا، وهو ثاني أدنى معدّل في دوري الدرجة الأولى الإيطالي، حتّى أنّ أكبر لاعبيه الأساسيّين لم يتجاوزوا 27 عامًا في فوز يوم الاثنين على هيلاس فيرونا.
وقام موتا بمنح صامويل مبانجولا ونيكولو سافونا، أوّل ظهور لهما في الدوري، وكانا على قدر توقّعات مدرّبهما، إذ سجّل الأخير ضد هيلاس فيرونا، في حين أنّ الجناح البلجيكي سجّل في كلتا المباراتين، وسجل أوّل هدف لليوفي تحت قيادة موتا في الدوري.
يوفنتوس طوّر جيلًا شابًا بشكل ممتاز ومثير للإعجاب ليس فقط على مستوى إيطاليا، بل على مستوى أوروبا بشكل عام، ومع وصول موتا يمكن للنادي أن يثق بأنّ هذه المواهب ستأخذ فرصتها كما يجب.
تبدو جميع المؤشّرات إيجابية للغاية حتى الآن بالنسبة ليوفنتوس، لكن تنتظر هذا الفريق اختبارات أكثر صعوبة بكثير بدءًا من نهاية الأسبوع المقبل ضدّ روما، ولكن بشكل خاص الشهر المقبل عندما يواجه لاتسيو وإنتر على التوالي بعد المباراة الافتتاحيّة لدور المجموعات في دوري أبطال أوروبا.
وقام يوفنتوس ببعض التحّركات الجيّدة في شوق الانتقالات لإضافة عمق إلى الفريق والتعاقد مع لاعبين يريدهم موتا، ولكن يبقى أن نرى كيف سيوازنون بين عبء المباريات عبر المسابقات المتعدّدة، إذ قد يكون هذا هو مفتاح نجاحهم هذا الموسم.